| هاولو طليس |
بداية.. جميل أن نجد شبابًا يحتلّون مناصب متقدّمة في مختلف المؤسّسات.. هولو طليس، كيف تمكّنتم من شغل موقعكم الحالي (نائب رئيس مؤسّسة إيدال) علمًا أنّها من المؤسّسات المهمّة؟
من المنطق أن يحتلّ الشباب اللبناني المناصب الإدارية المهمّة في الدولة لأنّ ذلك دليل عافية للبلاد، وهذا ما يحصل في الدول النشيطة كافة كالدول الأوروبية والولايات المتحدة، وما يحصل في لبنان هو الاستثناء وليس العكس. لذا لا أرى أين الغرابة في ذلك؟ أما في ما يتعلق بي أنا شخصياً فإنّ أكثر من عامل قد أهّلني أن أشغل هذا المنصب:
أولاً: أنّني حائز شهادة في الإدارة العامة من الولايات المتحدة، ما يتجانس مع طبيعة عمل "إيدال".
ثانيًا: أنّ لديّ أكثر من 10 سنوات من الخبرة العملية أيضاً في الولايات المتحدة وبعض من الدول العربية وطبعاً ضمنها لبنان.
إضافة إلى ذلك، ولنكن أكثر وضوحاً إنّ منصبًا إداريًّا في مؤسّسة عامة في لبنان يخضع مباشرة إلى الطائفية المعتمّدة كعرف في التعيينات الإدارية العامة.
عانى لبنان في مرحلة سابقة حال "عدم استقرار سياسي وأمني" أثّرت إلى حدّ كبير في الوضع الاقتصادي بشكل عام والاستثماري بشكل خاص.. كيف ترون مناخ الاستثمار خلال العام الحالي، لا سيّما أنّ لبنان مقبل على انتخابات نيابية قد تعكّر ربّما أجواء الصفو العام؟
إنّ عاملي الاستقرار الأمني والسياسي يأتيان كمقدّمة ضرورية وبديهية لجذب أيّ نوع من الاستثمار، ومن ثمّ تأتي العوامل الاقتصادية والحوافز التي تغري المستثمر وتجعله يحدّد وجهة استثماراته. مع الأسف، فإنّ العاملين المذكورين كانا سلبيين خلال الأعوام الماضية نظراً إلى الظروف الأمنية والسياسية المتوترة محلياً وإقليميًّا، لكنّ ذلك لم يمنع من تدفّق الاستثمارات إلى لبنان، وإن كانت بنسب أقل ممّا يجب أن تكون في حال كان الوضعان الأمني والسياسي مستقرّين، خاصة في ظلّ الفوائض المالية الناتجة من ارتفاع أسعار النفط. أما في المرحلة المقبلة، فإنّه على الرّغم من الأجواء السياسية المشحونة التي يمكن أن تؤثر سلباً في التدفّق الاستثماري العالمي من حيث حجم الاستثمارات، لكنّا بدأنا نشهد نزوحًا استثماريًّا نحو لبنان من قِبل بعض المستثمرين الخليجيين واللبنانيين، لا سيّما أنّ الاقتصاد اللبناني بقي أكثر تماسكًا بين اقتصاديات المنطقة، كما أنّ الأسعار السائدة في السوق المحلية ما زالت واقعية بعيداً من التشوّهات التي أصابت الأسواق المجاورة.
هل استقطبتم بعضًا من الفائض المالي العربي الذي نتج من الارتفاع في الأسعار العالمية للنفط في الفترة الماضية؟
لقد كان أمام لبنان فرصة لجذب الفائض المالي العربي لم يستفد منها كما يجب، إذ إنّ الفوائض المالية العربية الناتجة من ارتفاع أسعار النفط تمّ توظيف جزء منها في لبنان لكن دون النسب التي كنّا نتوقّعها، وذلك نتيجة العوامل الأمنية والسياسية التي أشرنا إليها سابقاً. ونشير هنا إلى أنّ الجزء الأكبر من هذه الأموال تمّ توظيفه إما في البنوك كودائع أو في القطاع العقاري، حيث إنّ النمط الاستثماري الذي رافق الطفرة النفطية في العامين الماضيين كان باتجاه المحافظ المالية والمضاربات في البورصات المختلفة في العالم، وهو غير متوافر في لبنان، ما جنّب لبنان استقطاب جزء أكبر من هذه الأموال من جهة، والدخول بشكل مباشر في مستنقع الأزمة المالية وتداعياتها من جهة أخرى، وذلك نتيجة القوانين والضوابط الصارمة التي فرضها البنك المركزي في لبنان على التعاملات المالية مع البورصة. كما أن حجم السوق المالية في لبنان ليس كبيراً.
هل وضعتم خطة (جاذبة) للمستثمر اللبناني وتحديدًا (المغترب) للاستثمار في لبنان، لا سيّما في ظلّ الأزمة المالية العالمية؟
لقد باشرت "إيدال" العمل على إنجاز دراسة من أجل التوصّل إلى مشروع ناجح لتشجيع المغتربين اللبنانيين على الاستثمار في لبنان. هذه الدراسة تهدف إلى خلق مشروع رائد حيث سيتمّ تحديد المغتربين المستثمرين وقطاعاتهم المفضّلة للاستثمار. إنّ نتائج هذه الدراسة ستساعد على وضع استراتيجية عمل تهدف إلى جذب المستثمرين اللبنانيين من بلاد الاغتراب. وقد تمّ إنجاز المرحلة الأولى وهي إحصاء الطاقات الاستثمارية للمغتربين اللبنانيين، لذا قامت المؤسسة، بالتعاون مع وزارة الخارجية والمغتربين والعديد من المؤسّسات الاغترابية بالبحث وتحديد الطاقات الاستثمارية للمغتربين في 79 بلداً.
يرى المراقبون أنّ هناك حالة من (التريّث والقلق) لدى المستثمرين في ظلّ الأزمة الحالية، ما هي التطمينات التي تقدّمونها لهم؟
إنّ حالة التريث والقلق لدى المستثمرين هي حالة طبيعية سائدة على مستوى العالم، خاصة في ظلّ أزمة مالية عالمية لم يشهدها الاقتصاد العالمي منذ الكساد الكبير في العقد الثالث من القرن الماضي. غير أنّ المستثمر يبحث دائماً عن الفرص الحقيقية ويذهب إليها، وهذه الفرص موجودة في لبنان وفي قطاعات عدّة. غير أنّ المؤسسة عمدت إلى شرح المزايا التي يتمتّع بها لبنان في الوقت الحالي في العديد من المؤتمرات التي شاركنا بها أخيرًا من أجل تطمين المستثمرين وتبيان المناخ الاستثماري المشجّع الذي يتمتّع به لبنان، لا سيّما أنّ هناك العديد من المؤسسات الوطنية والدولية ذات الخبرة على المستويين المحلي والعالمي والتي تحمي الاستثمارات ضدّ المخاطر غير التجارية.
أُعلن أخيرًا مشروع ضخم سيُقام على الساحل اللبناني وهو ( جزيرة أرزة لبنان)، هل سنشهد إعلانًا مماثلاً لمشاريع كهذه؟
مشروع جزيرة أرزة لبنان هو مشروع ضخم وطموح، إذ تبلغ تكلفته 7 مليارات دولار أميركي، كما أنّه يؤمّن 35،000 وظيفة، ويساهم بالتالي في تفعيل حركة الاقتصاد اللبناني إذا ما تمّ. غير أنّ هناك بعض المعوقات القانونية والتشريعية والبيئية التي تحول دون قيامه، لذا فإنّنا نقوم حالياً بدراسة هذا الملف بتأنٍّ من أجل العمل على تذليل هذه العقبات إذا أمكن بما يؤدّي إلى خير الصالح العام.
نبذة عن مؤسّسة (إيدال):
أنشئت مؤسسة تشجيع الاستثمارات في لبنان "إيدال" في العام 1994 بموجب مرسوم صدر عن مجلس الوزراء في سبيل تنشيط الاستثمارات في لبنان. وتهدف إلى ترويج لبنان كوجهة استثمارية حيوية. كما تسعى إلى جذب وتسهيل والحفاظ على الاستثمارات في لبنان، بالإضافة إلى العمل على ترويج الصادرات اللبنانية. وفي العام 2001، تمّ تعزيز دور "إيدال" من خلال إقرار القانون رقم 360 لتشجيع الاستثمار ومراسيمه التطبيقية الذي ينظّم النشاط الاستثماري في لبنان ويعزّز دور "إيدال" عبر منحها الأدوات اللازمة لتشجيع الاستثمارات.
13_07_2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق