(مها طه)
افتتاحية_ مجلة بانكو
لكلّ ضرر جانب من المنافع ... والأزمة المالية العالمية التي كانت جذورها المضاربة بالأوراق المالية وبالأدوات الاستثمارية الوهمية، أدّت في الوقت نفسه إلى إعطاء المزيد من الاهمية لما يسمّى بـ "الاقتصاد الحقيقي" أي الانتاج الفعلي في حقول الزراعة والصناعة وحتى الإنتاج الخدماتي كالمشاريع السياحية وسواها بدلا من " اقتصاد الكازينو" القائم على ضربات الحظ وبالنسبة إلى البلاد العربية ومنها لبنان فإنها الأجدر من سواها أن تتعلم هذا الدرس الذي أعطته الأزمة حيث إن اقتصاديات هذه الدول تعتمد في أغلبها على العائدات الريعية الناتجة اما عن ارباح الاوراق المالية او التغيرات في أسعار العقارات حتى إذا هبطت هذه الأسعار كما حصل في العديد من المناسبات التي شهدت كوارث البورصات، أصيبت هذه الاقتصاديات بخسائر بالغة. حتى إنّ البعض يقول إن ربع العائدات العربية تودع في مصارف الغرب وربعه يذهب هدرا في فروقات أسعار الأسهم والسندات والعقار، والربع الثالث يذهب في مشاريع تنفذها الشركات الغربية في الدول النفطية وباسعار عالية جدا ولا يبقى سوى الربع الاخير الذي يذهب جزء كبير منه إلى استهلاك البضائع الغربية المستوردة أو في السياحة في بلدان الغرب. وقد كان من حسنات الأزمة المالية العالمية، على مساوئها، أنها كشفت بوضوح من هذا الواقع الذي تدعو (بانكو) أمامه إلى اعتماد خطة طواريء اقتصادية عربية لعلّ بشائرها كانت في القمة الاقتصادية التي تنادى اليها الزعماء العرب والتي قد تعطي بصيص أمل لأنّ القيادات العربية باتت تدرك حجم المشكلة وتداعياتها ليس فقط على ميزانيات الدول والأنظمة وإنما أيضا على حياة المواطن العربي الذي ستترك الأزمة بلا شك بصماتها على معيشته وميزانية أسرته ويتساوى بذلك مواطن الدول النفطية وغير النفطة . الأزمة قد أصابت الأسرة العربية جمعاء، ومعدّلات النمو التي يتوقع انخاضها لن ترحم احداْ الا اذا تمكنت العقول الاقتصادية العربية وبالتعاون مع الأنظمة السياسية من اشتراح الحلول الخلاقة وذلك كما فعل الاقتصادي البريطاني الشهير جون ماينر كينز عندما اقتصرت المفاهيم الاقتصادية التقليدية التي سادت عصره فيما يسمّى بالاقتصاد الحر ونظرية الاقتصاد الفرنسي (ساي) باتجاه إعطاء دور الدولة المزيد من الاهمية ولفعالية لما أدّى إلى إبعاد شبح البطالة وانهيار النمو عن العديد من اقتصاديات الدول الغربية، وما مكّن هذه الدول من مواجهة تحديات الأفكار السياسية المتطرّفة . عن طريق إصلاح البيت الداخلي " والله لا يغيّر بقوم حتى يغيروا ما في انفسهم".
افتتاحية_ مجلة بانكو
لكلّ ضرر جانب من المنافع ... والأزمة المالية العالمية التي كانت جذورها المضاربة بالأوراق المالية وبالأدوات الاستثمارية الوهمية، أدّت في الوقت نفسه إلى إعطاء المزيد من الاهمية لما يسمّى بـ "الاقتصاد الحقيقي" أي الانتاج الفعلي في حقول الزراعة والصناعة وحتى الإنتاج الخدماتي كالمشاريع السياحية وسواها بدلا من " اقتصاد الكازينو" القائم على ضربات الحظ وبالنسبة إلى البلاد العربية ومنها لبنان فإنها الأجدر من سواها أن تتعلم هذا الدرس الذي أعطته الأزمة حيث إن اقتصاديات هذه الدول تعتمد في أغلبها على العائدات الريعية الناتجة اما عن ارباح الاوراق المالية او التغيرات في أسعار العقارات حتى إذا هبطت هذه الأسعار كما حصل في العديد من المناسبات التي شهدت كوارث البورصات، أصيبت هذه الاقتصاديات بخسائر بالغة. حتى إنّ البعض يقول إن ربع العائدات العربية تودع في مصارف الغرب وربعه يذهب هدرا في فروقات أسعار الأسهم والسندات والعقار، والربع الثالث يذهب في مشاريع تنفذها الشركات الغربية في الدول النفطية وباسعار عالية جدا ولا يبقى سوى الربع الاخير الذي يذهب جزء كبير منه إلى استهلاك البضائع الغربية المستوردة أو في السياحة في بلدان الغرب. وقد كان من حسنات الأزمة المالية العالمية، على مساوئها، أنها كشفت بوضوح من هذا الواقع الذي تدعو (بانكو) أمامه إلى اعتماد خطة طواريء اقتصادية عربية لعلّ بشائرها كانت في القمة الاقتصادية التي تنادى اليها الزعماء العرب والتي قد تعطي بصيص أمل لأنّ القيادات العربية باتت تدرك حجم المشكلة وتداعياتها ليس فقط على ميزانيات الدول والأنظمة وإنما أيضا على حياة المواطن العربي الذي ستترك الأزمة بلا شك بصماتها على معيشته وميزانية أسرته ويتساوى بذلك مواطن الدول النفطية وغير النفطة . الأزمة قد أصابت الأسرة العربية جمعاء، ومعدّلات النمو التي يتوقع انخاضها لن ترحم احداْ الا اذا تمكنت العقول الاقتصادية العربية وبالتعاون مع الأنظمة السياسية من اشتراح الحلول الخلاقة وذلك كما فعل الاقتصادي البريطاني الشهير جون ماينر كينز عندما اقتصرت المفاهيم الاقتصادية التقليدية التي سادت عصره فيما يسمّى بالاقتصاد الحر ونظرية الاقتصاد الفرنسي (ساي) باتجاه إعطاء دور الدولة المزيد من الاهمية ولفعالية لما أدّى إلى إبعاد شبح البطالة وانهيار النمو عن العديد من اقتصاديات الدول الغربية، وما مكّن هذه الدول من مواجهة تحديات الأفكار السياسية المتطرّفة . عن طريق إصلاح البيت الداخلي " والله لا يغيّر بقوم حتى يغيروا ما في انفسهم".